تحليل | كيف روّض كبار المتداولين جنون النفط في 12 يوماً؟

im-26678055.jpeg
المنقبون - The Miners

في واحدة من أكثر الفترات تقلبا في تاريخ سوق النفط الحديث، عاش المتداولون العالميون 12 يومًا من الجنون الكامل، حيث قفزت الأسعار وانهارت في تتابع سريع، في مشهد لم يُشهد مثله منذ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022.

كل ذلك انطلق عندما شنت الولايات المتحدة غارات جوية على أحد كبار منتجي النفط في الشرق الأوسط، وهي إيران. 

وكما حدث في ليلة 16 يناير 1991، عندما هاجمت واشنطن نظام صدام حسين، قفزت أسعار النفط ثم انهارت سريعا بنسبة 30% في ليلة واحدة فقط. والسبب؟ تدفق النفط لم يتوقف.

فأسعار النفط في حرب الـ 12 يوماً تراوحت بين 67 دولارا و 79 دولارا لبرميل برنت، بينما في ظروف سابقة كانت الأسعار تتجاوز 100 دولار في حدث كهذا، خاصة أن إيران تحمل نقطتي قوة.

الأولى أنها منتج رئيس للنفط بمتوسط إنتاج يومي 3.4 مليون برميل يوميا، والثاني أنها تسيطر على مضيق هرمز الذي تمر من خلاله 20٪ من إمدادات الخام العالمية.

في الماضي، كانت أخبار القنابل تعني ارتفاعًا فوريًا في الأسعار. أما اليوم، فأصبحت “فرصة للبيع”، مع تحول ذهني جذري في غرف التداول.

يقول مايك مولر، المدير السابق للتداول في Vitol ورئيس قسم النفط في Shell سابقًا في مقابلة مع بلومبرغ: “السوق أصبحت أكثر مناعة تجاه الأخبار… اليوم يُنظر مباشرة إلى: هل هناك توقف في الإمدادات أم لا؟”

لكن الصور الفضائية، والتقارير الاستخبارية، وحتى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، أكدت أن النفط يستمر في التدفق، بل إن إيران كانت تصدر كميات أعلى بـ40% من متوسط العام.

ورغم هروب السفن الفارغة من السواحل الإيرانية لأسباب أمنية، كانت السفن الممتلئة بالنفط تبحر بلا انقطاع.

المكاتب لا تنام

في لندن وجنيف، عمل المتداولون بنظام المناوبة 24 ساعة، لكن الحقيقة أنهم لم يناموا أصلاً، منشغلين بمكالمات طارئة في الثالثة صباحا، وتحليلات صور فضائية، وحتى مراقبة منشورات ترمب على “تروث سوشال”.

ومع اشتداد التوترات، ارتفعت المخاطر في العقود الآجلة، فهرب المستثمرون إلى سوق الخيارات بحثا عن التأمين. وفي 7 أيام عمل فقط، تم تداول عدد من عقود الخيارات يعادل ما يُتداول عادة في عدة أشهر.

تقول نيكاي فيرغسون، رئيسة التحليلات في Energy Aspects: “التحول إلى سوق الخيارات خلال الأزمات الجيوسياسية أصبح القاعدة.”

ورغم ذلك، لم نرَ رهانات ضخمة على وصول برميل برنت إلى 100 دولار كما حدث سابقًا.

ففي أكتوبر 2024، كان هناك 130,000 عقد خيار عند 100 دولار للبرميل، أما اليوم فعدد هذه العقود لا يتجاوز 60% من ذلك الحجم.