المنقبون - The Miners
تتراكم عملة الشيكل بكثرة لدى البنوك الفلسطينية، في وقت ترفض إسرائيل استقبال هذا الفائض الذي يبقى متراكما لديها.
ورغم أن مشكلة تراكم الشيكل في البنوك الفلسطينية تعود لسنوات، إلا أنها زادت حدتها خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وعلى مدار أكثر من 10 أشهر، ترفض البنوك الإسرائيلية استقبال الشيكل المتراكم في البنوك الفلسطينية، وهو ما دفع سلطة النقد الفلسطينية لإطلاق تحذيرات من استمرار تراكم الشيكل دون حلول لهذه المعضلة.
ولكن، لماذا يشكّل تراكم الشيكل معضلة بالنسبة للبنوك، وهل من خسائر تتكبدها البنوك بسبب ذلك؟
وذكرت سلطة النقد في بيان لها، إن الكميات التي تتكدس سنويا لدى القطاع المصرفي الفلسطيني تبلغ 18 مليار شيكل، بينما تجاوزت في السنوات القليلة الماضية حاجز 22 مليار شيكل.
ومع هذا الفائض من الشيكل، استمر التنسيق بين سلطة النقد والبنوك الإسرائيلية على سحب الكتلة النقدية الفائضة بما متوسطه 4 مليارات شيكل كل ثلاثة شهور.
وتجدر الإشارة إلى أنه وفق الاتفاقيات التي أنشأت بموجبها سلطة النقد الفلسطينية، فإن بنك إسرائيل مطالب بسحب الفائض من عملة الشيكل من الأسواق الفلسطينية كلما استدعت الحاجة، باعتباره الجهة المصدّرة للعملة.
كيف يتراكم الشيكل؟
ربما يراودك سؤال عن كيفية تراكم الشيكل في البنوك الفلسطينية، للإجابة على ذلك، عليك معرفة أن الشيكل هو العملة الرئيسية للتعامل في الأسواق الفلسطينية وصاحبة النسبة الأعلى من الكتلة النقدية في الأسواق، بجانب الدولار الأميركي والدينار الأردني.
وتنشأ أزمة تكدس الشيكل لدى البنوك بسبب عدة عوامل، أبرزها مدفوعات التجارة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ما يجعل النقد يتحرك بين الطرفين.
كذلك، ورغم تراجع عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة، فإن أجور تلك العمالة تتم بالشيكل، حيث تنتقل هذه العملة من إسرائيل إلى الأراضي الفلسطينية.
كما أن هناك عاملا آخرا يتمثل في مشتريات فلسطينيي الداخل من أسواق الضفة الغربية، وعلى إثرها ينتقل جزء من الكتلة النقدية الإسرائيلية إلى الضفة الغربية.
هذه النقطة الأخيرة، تعززت أكثر في السنوات القليلة الماضية مع تحديد إسرائيل تعاملات الكاش بمبلغ 11 شيكلا للأفراد، وأي مشتريات فوق هذا الرقم يجب أن تكون من خلال أدوات دفع أخرى غير الكاش.
وهنا، وجدت شريحة من فلسطينيي الداخل ومن جانب إسرائيليين بدرجة أقل، في الضفة الغربية قناة لتلبية المشتريات فوق هذه المبالغ، والدفع كاش، لتجاوز القيود الإسرائيلية.
بجانب عاملاً آخر بحسب مصادر مصرفية فلسطينية، تتمثل في انتقال أموال بعملة الشيكل عبر الحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل، وتصريفها في الأسواق المحلية.
الشيكل الخامل!
مع تصاعد أزمة تكدس الشيكل لدى البنوك، تصبح المصارف في وضع يجعلها بشكل متباين غير قادرة على استقبال ودائع من عملائها بالعملة الإسرائيلية.
ومرد هذا الرفض من جانب البنوك، أنها تحدد حجم الكتلة النقدية بكل عملة لديها، في وقت تجاوزت كتلة الشيكل المستويات التي تنص عليها الأنظمة الداخلية لكل مصرف.
وأصبحت خزائن بعض البنوك تتكدس بعملة الشيكل، فيما اضطرت أخرى إلى وضع الكتلة النقدية في أكياس مخصصة للقمامة بسبب امتلاء الخزائن.
هنا، ومع تكدس العملة الإسرائيلية ينشأ ما يسمى "الشيكل الخامل"، والذي لا تستطيع البنوك استثماره عبر إقراضه، وبالتالي تبقى الكتلة النقدية خاملة لديها.
ستكون البنوك في هذه الحالة أمام تكلفة تأمين عليها، لأن كل شيكل أو دولار أو دينار يدخل المصرف، يتم التأمين عليه، تجنباً لأي تطورات قد تفقدها هذه العملة.
كما أن البنوك ستتحمل كلفة تخزين هذا النقد لديها ما دام غير مستثمر في قنوات أخرى، وستكون كذلك أمام كلفة نقله من مكان لآخر، سواء بين الفروع، أو عندما تحل أزمة التكدس وتوافق البنوك الإسرائيلية على استقباله، وبالتالي يتم شحنه والتأمين على عملية الشحن كذلك.
كل هذه التكاليف المالية تسجل نفقات على البنوك، وتؤثر بنهاية المطاف في نتائجها المالية، والأهم أن قيمة الشيكل أمام هذه التكاليف ستكون أقل فعليا من شيكل.
وما دام أن المال أو "الودائع المصرفية" هي وقود العمل المصرفي، فإن وجود عملة خاملة غير مستثمرة، تعتبر عبئا عليها، وتزيد التكاليف التشغيلية على تلك البنوك.
ويعمل في السوق الفلسطينية 13 مصرفا محليا ووافدا، بواقع 7 بنوك محلية و6 وافدة، منها 5 أردنية ومصرف مصري واحد.