تقرير | "أزمة الثقة".. عدوى تُهدد النظام المصرفي حول العالم

iStock-1457994836.jpg
المنقبون - The Miners

يواجه القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأميركية أزمة ثقة متزايدة، في ضوء التطورات الأخيرة التي عصفت بعددٍ من البنوك على جانبي الأطلسي، بدءاً من سيلكون فالي وسيغنتشر في الولايات المتحدة، وصولاً إلى كريدي سويس في سويسرا، وسط مخاوف من امتداد تلك الأزمة كعدوى تضرب العالم.

وفي وقتٍ تأثرت فيه إلى حد كبير البنوك الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة وأوروبا، بعدوى "أزمة الثقة" التي أثارتها وقائع انهيار البنوك، فإن الأزمة مُرشحة للتمدد على نطاقات أوسع، وبما يُمكن أن يقود بدوره إلى نتائج كارثية على الأسواق عموماً ترتفع معها حدة الضغوطات وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي.

فإلى أي مدى يُمكن أن يتحقق ذلك السيناريو "الخطير"؟ وهل الإجراءات المتخذة من جانب البنوك المركزية قادرة على احتواء تلك الأزمة وتقليص فرص انفراط العقد، لمنع أزمة مالية جديدة ربما تكون في معطياتها أخطر من أزمة 2008؟

العدوى تنتقل بشكل أسرع

الخبير الاقتصادي محمد العريان، كان قد تناول "أزمة الثقة" التي تضرب القطاع المصرفي بالولايات المتحدة، وأثر "العدوى" التي يُمكن أن تنتقل بشكل أسرع، وذلك في مقال له عبر شبكة "بلومبرغ" في وقت لاحق بعد أزمة البنوك العالمية، مما جاء فيه:

- يعتمد العمل المصرفي بشكل أساسي على الثقة، وبالتالي فإن أي تراجع في تلك الثقة يمكن أن يؤدي بدوره إلى نتائج غير متوقّعة أو غير محتملة".

- الانقسامات في النظام المصرفي قد تكون ذات أثر ملحوظ على الأميركيين، بسبب التهديد المستمر المتمثل في "العدوى الاقتصادية" وليس هناك الكثير مما يمكن لصانعي السياسة فعله لوقف ذلك.

هذه العدوى الاقتصادية التي ستنتشر بمرور الوقت تهدد بزيادة التحديات التي تواجه النظام الاقتصادي الذي يعاني أساساً من التضخم والمسيرة المضطربة من رفع أسعار الفائدة وانخفاض المدخرات الشخصية ونوبات من عدم الاستقرار المالي وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

أزمة مفاجئة وصادمة

وفي هذا السياق، يقول الخبير المصرفي، محمد عبد العال، في تصريحات لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن بدية الأزمة كانت مفاجئة بالنسبة للقطاع المصرفي الأميركي نفسه والأوروبي، ثم مفاجئة بالنسبة للعالم.

وبرغم ما يبدو من هدوء للأوضاع نتيجة الإجراءات التي تثير نوعاً من الطمأنة، فإن الخبير المصرفي يقول: "يجب ألا نقلل من حدة هذه الأزمة؛ لأن بواعثها وقوتها وجذورها أكبر من بواعث أزمة 2008 التي بدأت من أزمة عقارية محلية ثم تحولت لأزمة عالمية". 

ويُحيل في هذا السياق إلى تصريحات الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان تشيس"، جيمي ديمون، الأخيرة، ضمن رسالته السنوية إلى المساهمين، والتي ذكر فيها أن:

- الضغوط على القطاع المالي (التي تسببت في أزمة البنوك) ما زالت تشكل تهديداً.
- تداعيات تلك الضغوط سوف تستمر لسنوات، لكنها لا تشبه ما حدث في عام 2008.
- تُظهر الأزمة أن المتطلبات التنظيمية ليست كافية، ذلك أن المخاطر موجودة وإدارتها تتطلب تدقيقاً مستمراً.

على جانب آخر، فإن واحدة من آثار أزمة الثقة الآخذة في التمدد، تتمثل في هروب الودائع من البنوك الصغيرة والمتوسطة. 

وفيما تُظهر استطلاعات الرأي تراجع ثقة الأميركيين بالنظام المصرفي، وهو ما يُبرز هروب الودائع من تلك البنوك إلى البنوك الكبرى التي يثق العملاء بها مثل جي بي مورغان وغيره، يقلل البعض من مدى تأثير ذلك التحوّل الناتج عن أزمة الثقة، لا سيما مع بقاء الأموال ضمن النظام المصرفي، لكن العريان ينبّه إلى مخاطر ذلك، بقوله: من المرجح أن تكون لدى البنوك التي تستقبل تلك الودائع ميول مختلفة للإقراض (ومن ثم تأثير على حجم الإقراض الكلي).