يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا متواصلة على جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مما أثار مجددا اضطرابات في الأسواق، وأطلق تساؤلات حول ما قد يحدث إذا قرر الرئيس الأمريكي إقالة رئيس الفيدرالي الذي يتعرض لهجوم متزايد.
مثل هذه الخطوة ستكون سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، وستؤدي على الأرجح إلى معركة قانونية كبرى تشد أنظار واشنطن و”وول ستريت”، وصولًا إلى المحكمة العليا الأمريكية.
لماذا من الصعب إقالة باول؟
اندلعت الأزمة الأخيرة في 16 يوليو بعد تقارير أفادت بأن ترامب يستعد للتحرك ضد باول، الذي كان في مرمى نيران الرئيس بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة كما يريد ترامب.
لكن الرئيس الأميركي نفى هذه التقارير لاحقا، قائلا إن عزل باول “غير مرجح للغاية، إلا إذا اضطر إلى المغادرة بسبب الاحتيال”.
فور انتشار تقرير بلومبرغ حول احتمال عزل باول، تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1%، وارتفعت عوائد السندات الأمريكية لأجل 30 عامًا بـ10 نقاط أساس، كما انخفض مؤشر الدولار 1.2%.
ويشير ترامب وحلفاؤه إلى تجاوزات مالية في مشروع تجديد مقر الفيدرالي كسبب محتمل لعزل باول “لسبب وجيه”.
إذ ينص القسم العاشر من قانون الاحتياطي الفيدرالي، الذي ينظم عمل البنك المركزي، على أن أعضاء مجلس المحافظين، بمن فيهم الرئيس، يمكن إقالتهم “لسبب وجيه”.
لكن ما إذا كانت تجاوزات التكلفة ترقى إلى مستوى المخالفة القانونية سيصبح مسألة جديدة على المحاكم الأمريكية.
ماذا سيحدث إذا أقال ترمب باول؟
سيصبح قرار الإقالة نافذًا على الفور، لكن باول يمكنه رفع دعوى قضائية عاجلة، على الأرجح في محكمة واشنطن الفيدرالية، ويطلب أمرا قضائيا بإعادته إلى منصبه إلى حين البت في القضية. وسيقدم الطرفان مذكرات قانونية، مما يمنح باول فرصة لوصف إقالته بأنها غير مبررة.
قد يعقد القاضي جلسة استماع قبل إصدار قراره بشأن الأمر القضائي. وستكون النتيجة حاسمة، إذ قد يستغرق إصدار حكم نهائي في القضية عدة أشهر أو أكثر. وإذا رفض القاضي طلب باول، فسيظل قرار العزل ساريا، وسيتولى نائب رئيس الفيدرالي، فيليب جيفرسون، منصب الرئيس مؤقتا.
أما إذا تم قبول الأمر القضائي، فسيبقى باول في منصبه أثناء سير القضية. ويمكن لأي من الطرفين استئناف القرار، ما يعني أن القضية قد تصل إلى محكمة الاستئناف الفيدرالية، وربما إلى المحكمة العليا.
ما موقف المحكمة العليا؟
في مايو الماضي، أشارت المحكمة العليا إلى أن ترمب لا يمكنه ببساطة إقالة باول دون سبب وجيه.
ورغم أنها منحت ترامب سلطة واسعة لعزل مسؤولين في وكالتين أخريين دون مبرر، فقد أوضحت أن الاحتياطي الفيدرالي “كيان شبه خاص ذو هيكلية فريدة”.
لكن المحكمة تركت الباب مفتوحا أمام إمكانية عزل باول “لسبب وجيه”. ومع سجل المحكمة الحالي، الذي يميل إلى دعم صلاحيات ترامب، فإن فرص الرئيس تبدو قوية إذا وصلت القضية إليها.
على أي أساس يمكن رفع الدعوى القضائية؟
يعتمد الأمر على الأسباب التي سيذكرها ترامب. إذا اتهم باول بسوء إدارة مشروع تجديد مقر الفيدرالي، فقد تتركز القضية على تفاصيل هذا المشروع ومن المسؤول عن تجاوز التكاليف.
عادةً ما تُعرّف القوانين “السبب الوجيه” بثلاثة احتمالات:
• الكفاءة الضعيفة
• الإهمال في أداء الواجب
• الفساد أو ارتكاب مخالفات أثناء الخدمة
وسيتعين على القاضي تحديد ما إذا كان دور باول في تجاوز التكاليف يندرج تحت أي من هذه الفئات.
كيف ستتأثر الأسواق؟
يقدّر المستثمرون استقلالية الفيدرالي بشدة. وإذا اهتزت هذه الاستقلالية، فإن تعهد البنك المركزي بالسيطرة على التضخم سيفقد مصداقيته، مما قد يؤدي إلى تغيرات حادة في أسعار الأصول المالية.
فور انتشار تقرير بلومبرغ حول احتمال عزل باول، تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1%، وارتفعت عوائد السندات الأمريكية لأجل 30 عامًا بـ10 نقاط أساس، كما انخفض مؤشر الدولار 1.2%.
وحتى إذا تمت إقالة باول، فإن خفض أسعار الفائدة لن يكون مضمونًا، لأن لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) هي التي تحدد السياسات النقدية، ويتعين على أي رئيس جديد للفيدرالي إقناع الأعضاء الآخرين بخفض الفائدة.