في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الأسواق التقليدية والأسهم الأميركية، يواصل الذهب صعوده الحاد مدفوعاً بمحرك خفي يتعمد البقاء في الظل: البنوك المركزية.
وفقاً لتقديرات بنك “غولدمان ساكس”، تقوم البنوك المركزية عالمياً بشراء نحو 80 طناً من الذهب شهرياً، بما يعادل 8.5 مليارات دولار بالأسعار الحالية.
ويُقدّر مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية استحوذت على أكثر من 1000 طن سنوياً في الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما يمثل ربع الإنتاج العالمي من الذهب.
غير أن المفارقة تكمن في أن معظم هذه المشتريات لا يتم الإعلان عنها رسمياً.
القلق المتصاعد من استخدام الدولار كأداة ضغط جيوسياسية بعد تجميد احتياطيات روسيا في 2022، دفع العديد من البنوك المركزية -وفي مقدمتها الصين- إلى تسريع وتيرة تنويع احتياطياتها، والاتجاه إلى الذهب كأصل آمن لا يمكن مصادرته أو تسييسه.
تشير بيانات تجارية إلى أن الصين وحدها قد اشترت ما يقرب من 40 طناً شهرياً منذ عام 2022، رغم أن بنكها المركزي لا يعلن عن هذه الكميات.
وتُظهر سجلات التصدير من لندن إلى الصين، والتي تتضمن سبائك ذهبية بوزن 400 أوقية – وهي النوع الذي تتعامل به البنوك المركزية – استمرار تدفق الذهب، حتى في الفترات التي كان فيها سعر الذهب في شنغهاي أقل من سعره في لندن، ما يدل على أن الهدف ليس تجارياً بل استراتيجي.
وفي استبيان شمل 72 بنكاً مركزياً أجرته HSBC في يناير الماضي، أشار أكثر من ثلث المشاركين إلى نيتهم زيادة احتياطي الذهب خلال عام 2025، في حين لم يبدِ أي منهم رغبة في البيع.
ويقول آدم غلابينسكي، محافظ البنك الوطني البولندي: “الذهب هو أصل احتياطي آمن، لا يرتبط بسياسة اقتصادية لدولة معينة، ومقاوم للأزمات، ويحافظ على قيمته الحقيقية على المدى الطويل.”
أما “غولدمان ساكس”، فيتوقع أن يصل سعر الأونصة إلى 3700 دولار بنهاية 2025، فيما تشير تقديرات “جيه بي مورغان” إلى أن الذهب قد يتجاوز 6000 دولار للأونصة بحلول 2029، إذا تم تحويل 0.5% فقط من الأصول الأجنبية بعيداً عن الدولار.
وإذا كانت حصة الذهب في احتياطي الصين لا تتجاوز 6%، مقارنة بـ75% في الولايات المتحدة وألمانيا، فإن السوق تترقب تحولات تدريجية ولكن مؤثرة، مع سعي بنوك الأسواق الناشئة إلى رفع هذه النسبة إلى 20% خلال السنوات المقبلة.