تقرير | أزمة أوكرانيا قد تطيل أزمة الغذاء لسنوات.. لهذه الأسباب!

iStock-1328623536.jpg
المنقّبون - The Miners

تسببت أزمة أوكرانيا في قفزة كبيرة لأسعار المواد الغذائية، مما أبرز الدور المحوري لأوكرانيا في توفير الغذاء للعالم، إذ تسببت العمليات العسكرية الروسية في تعطيل صادرات الأخيرة من القمح والذرة والشعير والبذور، ما نتج عنه عمق في أزمات الغذاء في الدول الأكثر احتياجاً، فضلاً عن قفزات للتضخم في الدول المتقدمة، بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ.

وأظهر التقرير أن الحرب في أوكرانيا قد تسببت في إضعاف واردات المزارع في البلاد، فضلًا عن تدمير البنية التحتية، الأمر الذي قد يُعقد إمكانية عودة الإنتاج لمستويات ما قبل الحرب حتى في حالة عودة السلام بين موسكو وكييف.

ما الذي يجعل أوكرانيا محورية في سوق الغذاء العالمي؟

تمتلك أوكرانيا تربة خصبة وغنية تجعلها مثالية في عمليات الزراعة، بجانب كونها ثاني أكبر دولة في أوروبا من حيث المساحة، فالمواد الغذائية الأوكرانية ذات التكلفة المنخفضة ساهمت، على مر العصور، في صياغة التاريخ، خاصة الأوروبي، إذ وفرت الغذاء للدول الصناعية المتنامية آنذاك في القرن التاسع عشر، بجانب توفير بعض الموارد للاتحاد السوفيتي السابق خلال عقود من العزلة.

وقبل بدء الأزمة في أوكرانيا، صدرت البلاد حبوباً تزيد على صادرات الاتحاد الأوروبي مجتمعة، كما وفرت نحو نصف بذور وزيوت دوار الشمس في عمليات التجارة العالمية، كما تعتمد نحو 30 دولة، من الدول المستوردة للقمح، اعتماداً كلياً على روسيا وأوكرانيا لتوفير ما يزيد على 30 % من احتياجاتها.

كيف أثرت الحرب على الصادرات؟

انهارت الصادرات الأوكرانية بشكل كبير منذ بدء الأزمة في فبراير 2022، خاصة بعد أن أُغلقت أهم منافذ تصدير أوكرنيا في مدينتي أوديسا وميكولايف، وبحلول منتصف العام، بقي نحو 25 مليون طن من الحبوب، والتي تم حصدها في 2021، حبيسة داخل أوكرانيا، وهو وقت يبدأ فيه موسم حصاد القمح للعام الجاري.

ومع استمرار العمليات العسكرية، تمكنت أوكرانيا من تصدير بعض من شحنات القمح، والذرة والشعير برياً إلى رومانيا وبولندا وموانئ تقع على بحر البلطيق، وذلك من خلال بعض الطرقات وخطوط السكك الحديدية بجانب بعض الصادرات عبر نهر الدانوب، إلا أن هذه الوسائل التصديرية مجتمعة تمكن البلاد من تصدير نحو الخمس فقط من إمكانيات أوكرانيا التصديرية قبل بدء الأزمة.

كما أن المحاولات لزيادة استيعاب تلك الوسائل وتصدير المزيد من المواد عبرها تواجه مشكلات تتعلق بتوافر وقود الشاحنات والتكدسات المرورية الكبيرة على الطرق.

وفي شهر يونيو الماضي، بلغت صادرات أوكرانيا من المواد الغذائية 1.4 مليون طن فقط، مقابل متوسط شهري يبلغ نحو 5 ملايين في السنوات الماضية، وفقا لتقرير وكالة بلومبيرغ.

لماذا يعد الأمر مهماً؟

التأخير في عمليات تصدير الغذاء من رابع أكبر مصدر للحبوب في العالم قفز بأسعار الحبوب بشكل كبير، كما خلق أزمة للدول المعتمدة على الحبوب الأوكرانية، في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط لتأمين بدائل لإمدادات الحبوب.

كما أن النقص في إمدادات الغذاء تسبب في اضطرابات سياسية كبيرة، كما دفع نحو 43 دولة إلى حافة المجاعة، بحسب تقرير أصدره برنامج الأغذية العالمي التابع لـ الأمم المتحدة.

إذ تعد أوكرانيا واحدة من أكبر الدول المساهمة في برنامج الأغذية العالمي، كما أن هناك دولاً مثل إيريتريا والصومال تعتمد بشكل كامل على صادرات القمح الروسية والأوكرانية، بجانب دول مثل تانزانيا، ناميبيا ومدغشقر، والتي تعتمد على القمح الروسي والأوكراني بنسب تتجاوز 60 بالمئة، بحسب بيانات الأمم المتحدة

هل من حلول للأزمة؟

قادت الأمم المتحدة محاولات للحوار في شهر يوليو الجاري لإنهاء الأزمة، والسماح لقوافل مؤمنة بالمرور من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، وانتهت جولة المحادثات الأولى لينتج عنها "ضوء من الأمل"، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والذي أضاف أن الحل يحتاج إلى مزيد من العمل لتحقيق انفراجة ملموسة للأزمة.

من جانبها، كانت الحكومة الأوكرانية يقظة في ما يتعلق بعمليات إزالة الألغام من البحر الأسود واستخدامها لتأمين موانئها، إذ إن إزالة الألغام قد تتيح الفرصة للقوات الروسية لشن عمليات بحرية عليها.

من جانبها، فقد اقترحت روسيا سابقاً إمكانية السماح للموانئ باستئناف أعمالها التصديرية إن قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتخفيف حدة العقوبات على موسكو، وهو اقتراح لم تقبل به الدول الغربية.

كيف سيؤثر الصراع على عملية الحصاد المقبلة؟

وأوضح التقرير أن الحكومة الأوكرانية تتوقع أن يكون حصاد هذا العام أقل بنحو 40% من محصول العام الماضي، وذلك بسبب صعوبات الصراع، أو الدمار الذي طال الأراضي الزراعية نتيجة للأزمة.

كما أن المزارعين القادرين على إتمام عمليات الحصاد لمزارعهم قد يواجهون صعوبات في توفير أماكن لتخزين محصول العام الحالي، والتي لا تزال ممتلئة بمحصول العام الماضي.

بالإضافة إلى أزمة عدم توافر أماكن صالحة لتخزين الحبوب والتي تأتي في وقت تراجعت في موارد المزارعين المالية، مما أثر سلباً في قدرتهم على شراء البذور الزراعية، الأمر الذي يزيد صعوبة عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الأزمة في حالة انتهائها.