تقرير | الشرائح الإسرائيلية.. خسائر بملايين الدولارات وفرص عمل تتبخر

SIM_Israel.jpg
المنقبون - The Miners

في أسواق الضفة الغربية، لم يعد بيع الشرائح الإسرائيلية أمرا نادرا أو محدود الانتشار، بل تحول إلى ظاهرة واضحة تتوسع عاما بعد عام. 

صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض هذه الشرائح ضمن باقات شهرية مغرية، لتجد طريقها بسهولة إلى أيدي المستخدمين الفلسطينيين.

ورغم محاولات وزارة الاتصالات الفلسطينية والضابطة الجمركية للتصدي لهذه الظاهرة عبر الحملات الميدانية، إلا أن الشرائح الإسرائيلية ما زالت تتسلل إلى السوق المحلية، مستفيدة من الثغرات الأمنية والاقتصادية التي يفرضها واقع الاحتلال.

وبحسب تقديرات رسمية، تجاوز عدد الشرائح الإسرائيلية النشطة في السوق الفلسطيني 800 ألف شريحة. هذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل هو مؤشر على نزيف اقتصادي ضخم يخسره قطاع الاتصالات الفلسطيني سنويا.

رغم محاولات وزارة الاتصالات الفلسطينية والضابطة الجمركية للتصدي لهذه الظاهرة عبر الحملات الميدانية، إلا أن الشرائح الإسرائيلية ما زالت تتسلل إلى السوق المحلية، مستفيدة من الثغرات الأمنية والاقتصادية التي يفرضها واقع الاحتلال.

خسائر مالية مباشرة

الخسائر الناجمة عن هذه الشرائح لا تقتصر على الشركات المزودة للخدمة، بل تنعكس على مجمل الدورة الاقتصادية الفلسطينية:

                  •                إذا كان متوسط إنفاق المشترك الفلسطيني على المكالمات والإنترنت يتراوح بين 50 و70 شيكلا شهريا (15 – 20 دولارا)، فإن وجود 800 ألف شريحة إسرائيلية يعني أن السوق الفلسطينية تخسر ما بين 40 و56 مليون شيكل شهريًا، أي ما يعادل 12 – 16 مليون دولار.

                  •                وعلى مدار عام كامل، تصل الخسارة إلى نحو 480 – 672 مليون شيكل (140 – 200 مليون دولار).

هذه الأرقام توضح أن مئات الملايين تتسرب من الاقتصاد الفلسطيني نحو الشركات الإسرائيلية كل عام، وهو ما يشكل استنزافًا للموارد وفرصة ضائعة لتنمية قطاع محلي حيوي.

كما أن قطاع الاتصالات الفلسطيني يُعد من أكثر القطاعات التي توفر فرص عمل متنوعة. فهو لا يعتمد فقط على الموظفين الرسميين في شركات مثل “جوال” و”أوريدو”، بل يقوم على شبكة واسعة من الوكلاء والموزعين ونقاط البيع المنتشرة في مختلف المدن والقرى.

                  •                وحدها شركتا جوال و”الاتصالات الفلسطينية” تشغلان نحو 3000 وكيل، بحسب بيانات رسمية منشورة على موقعها الرسمي.

                  •                ومع إضافة شبكة وكلاء “أوريدو”، يرتفع العدد إلى أكثر من 4000 وكيل، يعمل معهم مئات المساعدين والعمال.

وكل محل بيع أو نقطة توزيع لا تمثل مجرد نشاط تجاري صغير، بل هي مصدر رزق لعدة أسر. 

لكن مع وجود 800 ألف شريحة إسرائيلية في السوق، فقد حُرمت هذه الشبكة المحلية من حصة ضخمة كان من الممكن أن ترفع مبيعاتها وتحافظ على استقرارها.. هذا الوضع أدى إلى:

                  1.               تراجع دخل الوكلاء المحليين وانخفاض أرباحهم الشهرية.

                  2.             إغلاق بعض المحال الصغيرة التي لم تتمكن من منافسة أسعار الشرائح الإسرائيلية الأرخص.

                  3.             فقدان فرص عمل مباشرة للموظفين والعاملين في القطاع.

                  4.             فقدان فرص عمل غير مباشرة في مجالات مثل الدعاية، النقل، وخدمات الإنترنت المحلية.

وحدها شركتا جوال و”الاتصالات الفلسطينية” تشغلان نحو 3000 وكيل، بحسب بيانات رسمية منشورة على موقعها الرسمي.

لكن كيف ستكون صورة السوق لو استوعبت 800 ألف شريحة إضافية؟ لو تمكنت الشركات الفلسطينية من استيعاب تلك الشرائح المفقودة، لكانت الصورة مختلفة تماما:

                  •                عدد الشرائح الفلسطينية النشطة اليوم: 4.5 ملايين شريحة.

                  •                بعد إضافة الشرائح الإسرائيلية: يقارب العدد 5.3 ملايين شريحة... أي أن السوق كانت ستشهد نموًا بنسبة تقارب 18%.

الحسابات المالية تكشف حجم الخسارة:

                  •                800,000 شريحة × 60 شيكلًا متوسط إنفاق شهري = 48 مليون شيكل شهريا.

                  •                أي نحو 576 مليون شيكل سنويا (160 مليون دولار).

هذا المبلغ كفيل بخلق استثمارات جديدة، وزيادة عمولات الوكلاء، وتوفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

والأهم أن الخسارة ليست مالية فقط. هناك أبعاد أعمق لهذه الظاهرة، فانتشار الشرائح الإسرائيلية يعني تراجع الاستثمار المحلي، فكلما قلت إيرادات الشركات الفلسطينية، تقل قدرتها على توسيع شبكاتها أو تطوير بنيتها التحتية.

ثانيا وهو الأهم، ظهور فجوة تكنولوجية متزايدة، فالاحتلال يتيح لشركاته العمل بحرية وتطوير خدمات الجيل الرابع والخامس، بينما تبقى الشركات الفلسطينية مقيدة.

ثالثاً تعميق التبعية الاقتصادية، لأن استمرار تدفق الأموال نحو السوق الإسرائيلي يعني أن جزءًا من الاقتصاد الفلسطيني بات رهينة بيد الاحتلال.

ولا تقف القضية عند حدود المال والعمل؛ فاستخدام الشرائح الإسرائيلية له تبعات سياسية وأمنية واضحة:

                  •                هذه الشرائح تخضع بالكامل لرقابة الاحتلال، ما يجعل خصوصية المستخدم الفلسطيني عرضة للانتهاك.

                  •                الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قادرة على مراقبة المكالمات والبيانات، وهو ما يضع الفلسطينيين في دائرة الخطر الدائم.

                  •                استمرار الاعتماد على هذه الشرائح يُضعف قدرة المؤسسات الفلسطينية على فرض سيادتها التنظيمية على أحد أهم القطاعات الحيوية.