في مشهد يعكس عمق الأزمة النقدية التي تعصف بالجهاز المصرفي الفلسطيني، تواجه البنوك المحلية تكدسا مقلقًا للعملة الإسرائيلية (الشيكل) 2 مليار دولار، نتيجةً لقيود صارمة تفرضها إسرائيل على عمليات تحويل النقد الفعلي.
هذه الأزمة المتفاقمة، وإن بدت في ظاهرها مالية، إلا أنها تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية تمس المواطن بشكل مباشر، وتفرض ضرورة الإسراع في التحوّل إلى نظام مدفوعات رقمي شامل.
وفقاً لبيانات حصلت عليها المنقبون، يواجه النظام المصرفي الفلسطيني فائضا متراكما بنحو 7 مليار شيكل، ومن المتوقع أن يصل إلى 8 مليارات شيكل بنهاية عام 2025 بسبب وضع إسرائيل سقفاً لتحويلات الشيكل من البنوك الفلسطينية لا يتجاوز 18 مليار شيكل سنويا.
في المقابل، تضع البنوك الإسرائيلية قيوداً على استقبال أي نقد يفوق الكوتا المسموح للجهاز المصرفي تحويله بشكل فصلي والمحدد بـ 4.5 مليار شيكل.
وتتذرع البنوك الإسرائيلية برفض الشيكل الفائض، بمخاوف غسل الأموال وأسباب أمنية، في موقف يعتبره خبراء وسيلة ضغط سياسي.
هذا التكدس لا يهدد فقط سلامة النظام المالي، بل يتسبب في استنزاف موارد البنوك عبر تكاليف تأمين وتخزين مرتفعة، تصل إلى خصم نحو 10% من أرباحها السنوية، ويُعرضها لمخاطر أمنية جسيمة.
هذه الأموال المجمدة في الخزائن البنكية تعني سيولة معطلة لا تُستخدم في الاستثمار أو الشراء أو تمويل الأعمال. ويؤدي ذلك إلى:
• تعطل صرف الرواتب.
• تأخير عمليات الدفع للموردين المحليين.
• تباطؤ في الدورة الاقتصادية.
• زيادة الاعتماد على وسائل تقليدية غير فعالة في بيئة شديدة الحساسية.
الحل الرقمي: ضرورة لا ترف
في ظل هذا الواقع، تبرز المدفوعات الإلكترونية كحل فوري وفعّال قادر على امتصاص الصدمة، وتخفيف الضغط النقدي، وإعادة تنشيط الاقتصاد دون الحاجة إلى تحويلات نقدية فعلية. التحوّل الرقمي في فلسطين لم يعد خياراً مستقبلياً بل أولوية آنية.
ويعد تطبيق “ريفلكت” الذي أطلقه البنك العربي بالشراكة مع شركة الاتصالات الفلسطينية جوال نموذجا متقدما لهذا التحوّل، حيث يقدم حلاً مصرفيا شاملاً للأفراد من خلال:
• حساب رقمي يُفتح خلال دقائق.
• تحويلات فورية بين الأفراد والتجار.
• دعم لعدة عملات، منها الشيكل والدولار.
وتكمن قوة الحل الرقمي في كونه يتجاوز القيود المفروضة سياسيا على تحويل النقد، ويمنح الفلسطينيين أدوات سيادية لإدارة أموالهم دون الحاجة إلى عبور النظام المالي الإسرائيلي. كما يعزز من الشفافية والرقابة ويقلل من المخاطر الأمنية.
ولأن الاحتلال يتحكم فعليا في تدفق النقد، فإن الحل الذكي هو بناء منظومة لا تحتاج للنقد. وهنا، تُصبح التطبيقات المالية المحلية مثل “ريفلكت” ليست فقط أدوات مصرفية، بل أدوات مقاومة اقتصادية.