اضطرت بنوك عاملة في السوق الفلسطينية إلى تخزين الأوراق النقدية من فئة الشيكل، داخل أكياس قمامة، مع امتلاء الخزنات بالعملة الإسرائيلية، بحسب صور اطلعت عليها منصة المنقبون من بعض المصادر المصرفية.
الصور التي تعذر على المنقبون الحصول عليها لنشرها، واكتفت المصادر بإطلاعها عليها، تأتي في وقت تقول سلطة النقد الفلسطينية وجمعية البنوك في فلسطين، إن القطاع المصرفي يعاني أزمة تكدس للشيكل داخل البنوك.
وبحسب ما علمت المنقبون من مصادر في الجهاز المصرفي، فإن الجانب الإسرائيلي استلم كوتة النقد الفائض والبالغة 4.5 مليار شيكل، عن فترة الربع الثاني من العام الجاري قبل أكثر من شهر.
ويلتزم الجهاز المصرفي الفلسطيني بتحويل هذا الرقم كل 3 شهور، بحسب اتفاقية مع بنك إسرائيل (المركزي)، وهو نقد ناتج عن تعامل السوق الفلسطينية بعملة الشيكل كعملة مدفوعات وأجور رئيسية، تطبيقا لبروتوكول باريس الاقتصادي.
من أين يأتي الشيكل؟
أزمة تكدس الشيكل ليست جديدة على القطاع المصرفي الفلسطيني، ومشاهد أكياس القمامة سبق لمنصة المنقبون أن اطلعت على صور مماثلة قبل عدة سنوات.
إلا أن علامة الاستفهام نابعة من أن مصادر دخول الشيكل الرئيسية من إسرائيل إلى أسواق الضفة الغربية تراجعت منذ أحداث 7 أكتوبر 2023.
أولاً.. تراجع عدد العاملين الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات بنسبة 86 بالمئة في الربع الأول 2025 مقارنة مع الربع الثالث 2023، وهو الربع الأخير قبل أحداث 7 أكتوبر.
تظهر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن 25 ألف عامل فلسطيني يعملون في إسرائيل والمستوطنات بنهاية الربع الأول 2025، مقارنة مع 178 ألفاً بالربع الثالث 2023.
وكانت هذه العمالة تضخ لأسواق فلسطين شهرياً قرابة 1.5 مليار شيكل، بحسب تصريحات سابقة لسلطة النقد الفلسطينية.
يعني ذلك، أن قرابة 86٪ من فاتورة الأجور الشهرية لم تعد تدخل للأسواق الفلسطينية، أي أن الفاتورة الشهرية تراجعت من 1.5 مليار شيكل شهرياً إلى 210 ملايين شيكل شهرياً فقط.
ثانياً.. أموال المقاصة التي تراجعت قيمتها منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، إلى متوسط 500 مليون شيكل شهرياً مقارنة مع متوسط 750 مليون شيكل حتى الربع الثالث 2023.
ثالثا.. السيولة النقدية في غزة: كما علمت منصة المنقبون من مصادر مصرفية وأخرى أممية، فإن جهات تتبع الأمم المتحدة ساعدت بنوكاً عاملة في قطاع غزة، بإخراج كميات من الكاش من غزة خلال شهور الحرب؛ وجزء من هذا النقد عاد إلى الضفة الغربية.
رابعاً.. يقول مصرفيون إن سبب تصاعد الأزمة حالياً يعود إلى عدة نقاط رئيسية، أولها فوارق أسعار السلع في أسواق التجزئة بالضفة الغربية مقارنة مع السوق الإسرائيلية.
أي أن أسواق الضفة الغربية أصبحت هي السوق الاستهلاكية الأساسية لسكان القدس وفلسطينيي الداخل.
كما أن تحديد سقف التعاملات بالكاش في إسرائيل عند 11 ألف شيكل، أوجد نقداً بين أيدي شريحة من فلسطينيي الداخل وحتى الإسرائيليين، لتصبح أسواق الضفة مكباً للشيكل من خلال بيع الشيكل لمحال صرافة بأسعار بعيدة عن سعر السوق.
نواة السوق السوداء للعملة، ظهرت مع المقترح الإسرائيلي الذي وجه لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإلغاء فئة 200 شيكل.
مثلاً.. شخص يملك مليون شيكل من فئة 200، يريد تحويل المبلغ إلى دولار، فإنه يذهب لمحل صرافة بالضفة الغربية ويطلب تحويله إلى دولار بسعر 3.9 شيكل / دولار بينما السعر الرسمي هو 3.6 شيكل / دولار.
وهنا يذهب تاجر العملة إلى البنك لبيع الشيكل بسعر 3.65 مقابل الدولار، ثم يقوم التاجر مرة أخرى ببيع الدولار الذي يحصل عليه من البنك لشخص آخر جاء يحمل مبلغاً كبيرا من المال بسعر 3.9 للدولار.. وهكذا.