المنقبون - The Miners
أطلق أجوستين كارستنز، المدير العام لبنك التسويات الدولية، تحذيرًا صارمًا بشأن الارتفاع المتسارع في مستويات الديون العالمية، داعيًا الحكومات إلى التحرك العاجل لضبط أوضاعها المالية قبل أن يفقد المستثمرون ثقتهم في استدامة هذه الالتزامات.
وأكد كارستنز خلال مؤتمر استضافه بنك اليابان في طوكيو، أن فترات أسعار الفائدة المنخفضة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية أتاحت للحكومات تجنّب قرارات صعبة مثل تقليص الإنفاق أو رفع الضرائب، لكن هذا العصر قد انتهى.
وأوضح أن الأسواق بدأت تدرك أن بعض المسارات المالية للحكومات لم تعد مستدامة، محذرًا من احتمال حدوث تقلبات مفاجئة في الأسواق إذا لم تتم معالجة هذه الاختلالات، خاصة في ظل تصاعد عوائد السندات في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان نتيجة توقعات بزيادة الإنفاق الممول من الديون
وشدّد كارستنز على أن استمرار ارتفاع الدين العام قد يؤدي إلى تراجع الاستقرار المالي والنقدي عالميًا، حيث قد تضطر البنوك المركزية إلى تمويل الحكومات، مما قد يدفع بالتضخم إلى الارتفاع، ويضعف أسعار الصرف بشكل حاد، وهو ما يستدعي وضع خطط مالية واضحة وموثوقة لحماية الملاءة المالية.
أرقام صادمة
وبحسب تقرير معهد التمويل الدولي، قفز الدين العالمي خلال الربع الأول من عام 2024 بمقدار 7.5 تريليون دولار، ليصل إلى مستوى قياسي جديد بلغ أكثر من 324 تريليون دولار، في زيادة تتجاوز أربعة أضعاف متوسط الزيادات الفصلية السابقة.
وجاءت الصين، فرنسا، وألمانيا في صدارة الدول التي ساهمت في هذه الزيادة، بينما انخفضت مستويات الديون في كندا، الإمارات، وتركيا. وأشار التقرير إلى أن انخفاض قيمة الدولار ساهم في تضخيم قيمة الديون المقوّمة به، لكنه لم يكن العامل الوحيد.
وكذلك ارتفعت ديون الأسواق الناشئة بأكثر من 3.5 تريليونات دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، لتتجاوز 106 تريليونات دولار، حيث سجلت الصين وحدها زيادة تفوق تريليوني دولار، مع اقتراب نسبة دينها الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 100%.
كما ارتفعت القيم الاسمية للديون في دول مثل البرازيل، الهند، وبولندا، بينما أظهرت البيانات انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي في الأسواق الناشئة (باستثناء الصين) إلى أقل من 180%، ما يعكس بعض التحسن النسبي في المؤشرات.
لكن في الوقت ذاته، تواجه الأسواق الناشئة التزامات ضخمة تقدر بـ7 تريليونات دولار من السندات والقروض المستحقة حتى نهاية 2025، مقابل نحو 19 تريليون دولار على الاقتصادات المتقدمة في نفس الفترة.
كارستنز أنهى تحذيره بتأكيد أن البنوك المركزية لا يمكنها السيطرة على التضخم بشكل فوري أو ضمن نطاق ضيق، لأن عوامل عديدة تؤثر فيه تتجاوز أدوات السياسة النقدية. وبناءً عليه، فإن المطلوب الآن من الحكومات هو ضبط جدي وسريع للمالية العامة قبل أن تفقد الأسواق ثقتها بالكامل، ويواجه العالم موجة جديدة من الأزمات المالية.