تقرير | تشاؤم قياسي بالدولار.. ترمب والعجز يشعلان فتيل الأزمة

المنقبون - The Miners

سجّل التشاؤم تجاه مسار الدولار خلال العام المقبل أعلى مستوياته على الإطلاق، في ظل تزايد المخاوف بشأن الوضع المالي الأميركي والسياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس دونالد ترمب، وعلى رأسها الرسوم الجمركية المثيرة للجدل.

وأظهرت بيانات من مؤشر انعكاسات المخاطر لمدة عام، وهو أداة رئيسية لتقييم توجهات المستثمرين في سوق خيارات العملات، تراجع المؤشر إلى سالب 27 نقطة أساس لصالح خيارات البيع مقابل الشراء، في قراءة تُعد الأدنى منذ بدء توثيق البيانات في عام 2011.

وتشير هذه النتيجة إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر ميلاً لحماية أنفسهم من تراجع الدولار، مقارنة بأي وقت مضى، حتى عند ذروة تقلبات جائحة كورونا.

ضغوط متزايدة

ويُعزى هذا التحوّل في النظرة للدولار إلى عاملين رئيسيين، استمرار النهج الحمائي لترمب من خلال فرض رسوم جمركية مفاجئة، والتدهور المتسارع في الوضع المالي الأميركي، حيث تعكس الأسواق قلقا متزايدا من العجز الفيدرالي الضخم والتأثيرات السلبية لحزمة الضرائب المقترحة حالياً في الكونغرس.

وأدى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من وكالة موديز مؤخرا إلى زيادة الضغوط على العملة الأميركية، حيث تراجع الدولار أمام جميع عملات مجموعة العشرة، في حين ظل تأثير القرار محدوداً في أسواق الأسهم والسندات.

وتشير بيانات لجنة تداول السلع الآجلة الأميركية إلى أن المتداولين يحتفظون حالياً بمراكز مالية تصل قيمتها إلى 16.5 مليار دولار تراهن على تراجع الدولار، وهو مستوى يقترب من أعلى درجات التشاؤم منذ سبتمبر الماضي. وكان هذا الرقم قد بلغ 31 مليار دولار في بداية العام، ولكن في الاتجاه الصعودي حينها.

في المقابل، يرى بعض المحللين أن هذا التشاؤم قد يكون مبالغاً فيه، خاصة في ظل السياسة الترقبية التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي قد تدعم الدولار من خلال تعزيز العوائد على السندات.

ضغط هيكلي

ورغم الارتداد الطفيف للدولار مؤخراً بفضل تهدئة التوترات التجارية مع الصين، إلا أن الرؤية الهيكلية تبقى قاتمة.

وتؤكد كاثي جونز، كبيرة استراتيجيي الدخل الثابت في "تشارلز شواب"، أن التهدئة الحالية مؤقتة، في ظل انتقال أميركا من قيادة النظام التجاري العالمي إلى تبني سياسات حمائية أكثر.

ويشير خبراء "بلومبرغ إنتليجنس" إلى أن الأسواق تشهد حالياً مزيجاً غير معتاد بين ارتفاع عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل وضعف الدولار، وهو ما يعكس ضغوطاً طويلة الأمد مرتبطة بمسار الدين الأميركي، الذي لم يعد بالإمكان تجاهله حتى مع مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية.