وسط تداعيات الحرب التجارية

ترامب يبدأ ولايته بانكماش اقتصادي... هل تشتعل أزمة جديدة؟

المنقبون - The Miners

بعد مرور 100 يوم على بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، يواجه الاقتصاد الأميركي تحديًا كبيرًا مع صدور بيانات الربع الأول من عام 2025، والتي كشفت عن أول انكماش اقتصادي منذ ثلاث سنوات، ما أثار تساؤلات عميقة حول مستقبل النمو الاقتصادي في ظل السياسات الجديدة للإدارة الأميركية.

ووفقًا لتقرير وزارة التجارة، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% على أساس سنوي خلال الفترة من يناير إلى مارس، مخالفًا توقعات الأسواق التي رجّحت نموًا بنسبة 0.4%.

ويُعد هذا أول ربع يشهد نموًا سالبًا منذ الربع الأول من عام 2022، ويأتي بعد أداء قوي نسبياً في الربع الرابع من 2024 حين سجل الاقتصاد نمواً بنسبة 2.4%.

سياسات ترامب السبب!

وكان أبرز مفاجآت التقرير هو القفزة الهائلة في الواردات، التي ارتفعت بنسبة 41.3%، مدفوعة بزيادة بلغت 50.9% في واردات السلع، وهي أكبر وتيرة نمو خارج سياق جائحة كوفيد منذ عام 1974.

ويُعزى هذا الارتفاع جزئيًا إلى تسابق الشركات على استيراد السلع وتخزينها قبل تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة، التي أقرتها إدارة ترامب وتبدأ في أبريل.

وقال كريس روبكي، كبير الاقتصاديين في شركة "فودبوندز"، لشبكة CNBC، إن "جزءاً من الانكماش يعود إلى الاستيراد المكثف قبل فرض الرسوم، لكن لا مجال لتجميل الوضع؛ النمو اختفى تمامًا".

في السياق ذاته، اعتبر الخبير الاقتصادي روبرت فريك أن ميزان التجارة المتفاقم هو السبب الرئيسي في التراجع، نتيجة زيادة غير طبيعية في الواردات، في حين جاء إنفاق المستهلكين ضعيفًا نسبيًا، رغم نموه المحدود.

أما المدير التنفيذي لشركة VI Market، أحمد معطي، فأشار في تصريح لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن الانكماش ناتج عن تراجع الإنفاق الحكومي وارتفاع الواردات بشكل قياسي، ما أدى إلى سحب القيمة من الناتج المحلي.

وأضاف أن "سياسات ترامب التجارية كانت سببًا مباشرًا في تلك التطورات، حيث شجعت الشركات على التخزين المسبق للسلع، ما أثقل كاهل الاقتصاد".

تباطؤ في الاستهلاك

ورغم إشارات التراجع، لا يزال الاحتياطي الفيدرالي الأميركي متمسكًا بموقفه بعدم خفض أسعار الفائدة في الوقت الراهن، معتبرًا أن هذا الانكماش قد يكون مؤقتًا.

ويأتي ذلك رغم تباطؤ مؤشرات الاستهلاك، وتراجع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، إلى جانب تباطؤ واضح في التوظيف.

ويذكر أن الواردات خصمت أكثر من 5 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي، في حين نمت الصادرات بنسبة متواضعة بلغت 1.8%.

ويشير خبير أسواق المال محمد سعيد إلى أن "الانكماش بنسبة 0.3% يمثل تطورًا مقلقًا، لا سيما أنه جاء بعد ربع سابق شهد نموًا بنسبة 2.4%، ومخالفًا للتوقعات".

وأوضح أن "هذا التراجع لا يعكس ضعفًا في الطلب بقدر ما يعكس تأثيرًا مباشرًا للسياسات التجارية الجديدة".

ويتوقع سعيد أن تشهد الأشهر المقبلة واحدًا من السيناريوهات التالية: ارتداد مؤقت في النمو مع انحسار أثر التخزين المسبق، أو تصاعد الضغوط التضخمية مع ارتفاع أسعار السلع المستوردة، أو تباطؤ أعمق في حال استمرت الشركات بتمرير التكاليف إلى المستهلكين.

وفي ظل هذا الوضع المعقد، يقف الاحتياطي الفيدرالي أمام معضلة حقيقية؛ إذ يُظهر الاقتصاد علامات ضعف، بينما لا يزال معدل التضخم عند 3.6% وفق مؤشر أسعار الإنفاق الشخصي – وهو مستوى لا يزال مرتفعًا نسبيًا.