تحليل | هل من بديل عالمي اليوم للدولار الأمريكي؟

images.jpeg
المنقبون - The Miners

منذ انطلاقة ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية، تشهد مكانة الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية ومصدر للثقة المالية الدولية، واحدة من أقوى الهزات منذ عقود. 

فبين تصاعد التوترات التجارية، وتضييق الخناق على البنك المركزي الأميركي، وتزايد العجزين المالي والتجاري، بدأت الأسواق تطرح سؤالًا طالما بدا نظريًا: هل يمكن استبدال الدولار كعملة مهيمنة على الاقتصاد العالمي؟

الضغوط تتزايد… والثقة تتآكل

أدت موجة الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب مطلع أبريل 2025، إلى زعزعة ثقة المستثمرين بالأصول الأميركية. 

ولم يمضِ وقت طويل حتى فقد مؤشر الدولار أكثر من 7% من قيمته منذ بداية العام – في أسوأ أداء سنوي له منذ عام 2005.

تزامن ذلك مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوياتها خلال أكثر من 20 عامًا، ما يعكس قلق الأسواق من ضعف الثقة بالديْن الأميركي رغم أنه تاريخيًا كان يُعد ملاذًا آمنًا. 

بحسب بيانات بنك التسويات الدولية وصندوق النقد، لا يزال الدولار يُستخدم في نحو 90% من معاملات العملات الأجنبية، ويمثل قرابة 60% من احتياطات البنوك المركزية حول العالم.

المفارقة أن السندات والدولار – اللذان يتحركان عادة في اتجاه واحد – انفصلا للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، مما يشير إلى عزوف واسع عن الأصول الأميركية.

التشكيك في استقلالية الفيدرالي

زاد الرئيس ترامب من حدة انتقاداته لرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بل وهدّد صراحةً بعزله، وهو أمر غير مسموح قانونًا، لكنه حمل تأثيرًا بالغًا في تقويض استقلالية البنك المركزي – أحد أهم مقومات الثقة العالمية بالاقتصاد الأميركي.

“مجرد التلويح بعزل رئيس الفيدرالي أدى إلى تصعيد المخاطر المرتبطة بالدولار”، بحسب محللي “باركليز” الذين خفضوا تقييمهم للدولار، محذرين من أن “أي تقويض لاستقلالية السياسة النقدية يعني فتح الباب أمام مخاطر يصعب تجاهلها”.

العالم يعيد التموضع

المستثمرون العالميون، الذين ضخّوا ما يعادل 80% من أموالهم في الأسواق الأميركية خلال العقد الماضي، بدأوا بسحب استثماراتهم بهدوء. ويملك الأجانب حاليًا ما يقرب من 19 تريليون دولار من الأسهم الأميركية، و7 تريليونات من السندات الحكومية، و5 تريليونات من سندات الشركات، مما يجعل أي انسحاب واسع النطاق ذو تأثير كارثي على الأسواق.

في المقابل، برزت دعوات في أوروبا وآسيا لإعادة التوازن. اليورو، رغم قوته أمام الدولار، لا يملك سوق ديون عميقة بما يكفي ليكون بديلاً كاملاً. أما اليوان الصيني، فلا يزال تحت رقابة حكومية مشددة ولا يتمتع بحرية التحويل.

أزمة ثقة… لكن لا بديل واضح حتى الآن

بحسب بيانات بنك التسويات الدولية وصندوق النقد، لا يزال الدولار يُستخدم في نحو 90% من معاملات العملات الأجنبية، ويمثل قرابة 60% من احتياطات البنوك المركزية حول العالم. ورغم كل التقلبات، لا توجد عملة منافسة جاهزة لتحلّ محل الدولار بشكل شامل.

لكن التحذيرات تتصاعد. يقول جورج سارافيلوس، كبير محللي العملات في “دويتشه بنك”:

“أصبحت الأسواق تعتمد على ‘لطف الغرباء’ لتمويل العجز الأميركي. وهذا يجعل استقرار الدولار أكثر ارتباطًا بسلوك السياسة الخارجية الأميركية.”