تقرير | الغلاء يخنق الغزيين.. أزمات متراكمة تدفع الناس إلى حافة الجوع

المنقبون - The Miners

في شوارع غزة، لم يعد السؤال "ماذا نأكل؟" بل "هل سنأكل أصلًا؟".. حيث تحوّلت الأسواق إلى أماكن للتأمل وليس للشراء، بعد أن أصبحت الأسعار تفوق قدرة معظم العائلات، في ظل توقف مصادر الدخل، وندرة السلع، وفقدان السيولة.

وأصبح الغلاء العدو الجديد الذي يطارد سكان غزة يوميًا، ليخنق أنفاسهم كما فعل الحصار والقصف.

أسعار جنونية

ومع بداية الحرب الأخيرة وتشديد الحصار الإسرائيلي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، ليصل سعر كيلو السكر لأسعار قياسية بقفزات فاقت 800% من سعره قبل الحرب، والطحين الذي صعد لأكثر من 650% من سعره شبه مفقود من الأسواق، أما الخضراوات فتباع بالحبة بسبب أسعارها الجنونية.

ومع كل يوم، تختفي سلع وتظهر بدائل أعلى سعرًا وأقل جودة، وسط غياب الرقابة وارتفاع تكاليف النقل والتخزين، وانعدام المنافسة.

وقال المواطن أبو خالد، وهو أب لخمسة أطفال: "كنا نحسب تكلفة اليوم، الآن نحسب تكلفة الوجبة.. أصبحنا نختار ما لا يشبع فقط لأنه الأرخص".

وأكد أبو خالد أنه يكتفي بوجبة واحدة يوميا لأطفاله، بسبب شح الطعام والغلاء الفاحش للأسعار.

وبحسب تقارير محلية، فإن أكثر من 70% من العائلات في غزة أصبحت دون دخل ثابت بعد توقف المؤسسات، وتعطل المصانع، وإغلاق المشاريع الصغيرة، ومع ذلك، الأسعار تواصل الارتفاع دون توقف.

التاجر فؤاد سعيد، قال: "المعابر مغلقة، الوقود مقطوع، ونشتري بالدولار من السوق السوداء.. كيف نبيع بسعر طبيعي؟".

وأوضح أن الكثير من التجار اضطروا لرفع الأسعار حتى لا يخسروا رؤوس أموالهم، خصوصًا أن بعض البضائع تُهرّب بأسعار مضاعفة.

الوضع قابل للانفجار

وحذّر المختصون من أن استمرار الوضع بهذا الشكل قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي أو حالة فوضى غذائية.

وقال المختص في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر إن الغلاء الحالي ليس طبيعيًا، بل نتيجة مباشرة للحصار ومنع دخول السلع. لا يمكن لأي سوق أن يتنفس في ظل هذه الظروف".

وأوضح أبو قمر أن الوضع الحالي للأسواق يتزامن مع ضعف شديد بالقدرة الشرائية للمواطنين، بجانب نسبة بطالة تفوق الـ 85% ومعدلات فقر تعدت الـ 95%.

ولفت إلى أن 95% من المواطنين يعتمدون على المساعدات في تلبية حاجياتهم اليومية، "وهو ما يعني وفق أبو قمر أن توقف المساعدات بسبب إغلاق المعابر سيزيد متاعب هذه الأسر التي لن تستطع تلبية حاجياتها اليومية".

وأضاف" "المطلوب اليوم هو خطة طوارئ اقتصادية، ورفع كامل للقيود عن المعابر، وضخ مساعدات نقدية مباشرة للأسر".

ويرى أبو قمر أن الحلول الفاعلة في القضاء على الأزمة تتمثل في إعادة فتح المعابر بشكل فوري لدخول السلع الأساسية، ودعم مباشر للفئات الأكثر تضررًا عبر برامج نقدية أو طرود غذائية، ومراقبة السوق بآليات مرنة، ومنع الاحتكار ورفع الأسعار غير المبرر، بجانب تنشيط برامج العمل المؤقت للحد من البطالة وخلق سيولة.

وختم حديثه: "الغلاء في غزة ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل امتداد لحصار طويل الأمد يُستخدم كسلاح ضد المدنيين، المواطن الغزي لم يعد يبحث عن الرفاهية، بل عن البقاء، ومع كل يوم، تزداد الفجوة بين الحاجة والقدرة".

بدورها، أصدرت وزارة الاقتصاد بيانات تدعو المواطنين للإبلاغ عن التلاعب بالأسعار، لكنها لا تملك أدوات حقيقية للرقابة أو التدخل في الأسواق، في ظل انهيار المنظومة التشغيلية، وغياب الطاقة والوقود والموازنات.