حوار | بنوك غزة تنفض عن نفسها غبار الحرب وتتحضر لاستئناف عملها

img-mohammad-manasrah.png
المنقبون - The Miners - الأناضول

تستأنف البنوك الفلسطينية العاملة في قطاع غزة، نشاطها خلال وقت لاحق من الأسبوعين الجاري والمقبل تباعا، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ اعتبارا من صباح الأحد.

والأحد، أصدرت سلطة النقد الفلسطينية بيانا دعت فيه البنوك التي تنشط في قطاع غزة، لاتخاذ الاجراءات لاستئناف تقديم الخدمات المصرفية، بما يشمل إعادة تشغيل عدد من فروع البنوك والصرافات الآلية التي لم تتعرض للتدمير.

وعقدت سلطة النقد، الأحد، اجتماعا مع مدراء البنوك العاملة في فلسطين، والتي تملك فروعا في قطاع غزة، لتجهيز ما تبقى من فروعها لاستقبال العملاء وتقديم الخدمات الأساسية، وتشجيع استخدام خدمات الدفع الإلكتروني.

ويعاني القطاع المصرفي في قطاع غزة، من شح وفرة السيولة النقدية تصل مرحلة غياب السيولة النقدية بشكل شبه كامل، إلى جانب ارتفاع حجم الكتلة النقدية التالفة، ما دفع المواطنين للجوء لأدوات الدفع الإلكترونية الصادرة عن سلطة النقد.

ومنذ شهور، لم تكن أغلب البنوك في قطاع غزة قادرة على تلبية طلبات عملائها بسحب جزء من ودائعهم (كاش)، إلا بأرقام متدنية بسبب عدم توفر النقد (كاش)، وتلف جزء كبير من الأوراق النقدية.

يعاني القطاع المصرفي في قطاع غزة، من شح وفرة السيولة النقدية تصل مرحلة غياب السيولة النقدية بشكل شبه كامل، إلى جانب ارتفاع حجم الكتلة النقدية التالفة

والإثنين، أصدرت سلطة النقد تعليمات لعملاء البنوك المقترضين في القطاع، بهدف إعادة جدولة القروض المستحقة طيلة 15 شهراً من الحرب، قائلة إنها ستقدم تسهيلات وخفضاً بالفوائد بما يحقق مصالح الطرفين (المقرض والمقترض).

يأتي ذلك، بينما يواجه اقتصاد القطاع معركة إعادة البناء خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات أن تحتاج غزة أكثر من عقدين للوصول إلى أرقام الناتج المحلي المسجلة حتى عشية الحرب على القطاع.

ودخل، الأحد، اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل فلسطينية بغزة حيز التنفيذ، والذي يشمل في مرحلته الأولى دخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية للقطاع بشكل يومي، وفتح معبر رفح بعد 7 أيام من تطبيق الاتفاق.

ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما.

** القطاع المصرفي بالأرقام

يقول نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية محمد مناصرة، إن 10 بنوك تعمل في قطاع غزة من إجمالي 13 مصرفا محليا وافداً تعمل في السوق الفلسطينية.

ويضيف مناصرة في لقاء مع الأناضول أنه ومن بين 56 فرعاً للبنوك العشرة، فإن 8 - 11 فرعاً فقط قد تكون صالحة لاستقبال عملاء البنوك خلال الأسبوعين القادمين، بسبب تعرض بقية الفروع إلى دمار كلي أو شبه كلي.

وقدمت سلطة النقد الفلسطينية قائمة أجهزة للجهات الرسمية الفلسطينية لإدخالها إلى القطاع، تضم أجهزة صراف آلي وبعض المعدات التي تحتاج الفروع لاستئناف الحد الأدنى من عملها، في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، وفق مناصرة.

وزاد: ”من أبرز الخدمات التي نتجه لتقديمها إلى أهلنا في غزة، فتح الحسابات المصرفية واستئناف الخدمات المصرفية للشركات، وإصدار البطاقات البنكية وتفعيل الحسابات البنكية المجمدة“.

من أبرز الخدمات التي نتجه لتقديمها إلى أهلنا في غزة، فتح الحسابات المصرفية واستئناف الخدمات المصرفية للشركات، وإصدار البطاقات البنكية وتفعيل الحسابات البنكية المجمدة

وبسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في القطاع، ”فان خدمات الإقراض المصرفي للأفراد ستكون في أضيق الحدود لحين التأكد من استقرار الأوضاع “، وفق نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية.

إلا أن البنوك -وفق مناصرة- ستستأنف تقديم خدماتها إلى قطاع الشركات، وخاصة خدمات التسهيلات الائتمانية والتمويلات، بناء على إيفاء هذه الشركات بالمتطلبات المصرفية (الملف الائتماني للشركة).

وحتى قبل الحرب على غزة، كان عدد أجهزة الصراف الآلية يبلغ 97 جهازاً، إلا أن عدد الأجهزة الفعالة اليوم لا تزيد عن 3 أجهزة، بسبب تعرض فروع البنوك وأجهزة الصراف إلى الدمار بفعل القصف.

** الودائع المصرفية

وتظهر بيانات لسلطة النقد الفلسطينية أن إجمالي ودائع القطاع المصرفي في غزة نمت بأكثر من 83 بالمئة خلال الفترة بين سبتمبر/أيلول 2023، ونوفمبر/تشرين ثاني 2024.

بنهاية سبتمبر، بلغت ودائع العملات في غزة 1.74 مليار دولار، لكنها بدأت تسجل قفزات متتالية مع اشتداد الحرب على القطاع واتساع رقعته ليطال مختلف المحافظات، ويستقر بنهاية نوفمبر عند 3.2 مليارات دولار.

تظهر بيانات لسلطة النقد الفلسطينية أن إجمالي ودائع القطاع المصرفي في غزة نمت بأكثر من 83 بالمئة خلال الفترة بين سبتمبر/أيلول 2023، ونوفمبر/تشرين ثاني 2024.

ورقم ودائع العملاء بنهاية نوفمبر الماضي، يعتبر الأعلى بتاريخ القطاع المصرفي في قطاع غزة، بالعودة إلى البيانات التاريخية التي تعود إلى عام 2000.

ويعود السبب في ذلك، إلى أن عمليات النزوح تصعب على الأفراد الاحتفاظ بأموالهم، لتكون البنوك بمثابة الحافظ الأمين للأموال.

وعلى الرغم من تصريحات مناصرة التي أكد فيها عدم توفر سيولة نقدية في فروع غزة بسبب تلفها، أو سحبها من قبل العملاء، وسرقة بعضها، إلا أن ودائع القطاع المصرفي كافة في غزة والضفة الغربية مؤمنة.

وتعمل في السوق الفلسطينية المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، وعنها يقول مناصرة: ”المؤسسة تضمن فورياً الودائع بقيمة 20 ألف دولار لكل صاحب حساب، وتضمن بقيمة المبلغ كاملا لو فاق عن 20 ألفا لكن على فترات تعويض أطول“.

وزاد: ”نقصد بالضمان الفوري، أن أية ودائع في القطاع المصرفي تتعرض لأي نوع من المخاطر، فإن المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع تسدد المبلغ من طرفها في غضون عدة أيام كحد أقصى“.

”نحن نؤمن ودائع العملاء بطريقتين؛ الأولى من خلال المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، والثانية أن سلطة النقد تضمن هذه الأموال، طالما هي مودعة في مؤسسة خاضعة تحت إشرافها“.

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الأول الجاري، إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.