تتفاوت أسعار زيت الزيتون من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها، فبينما يمكنك شراء تنكة الزيت بنحو 400 شيقل في جنين مثلًا، فإنّ عليك دفع ثلاثة أضعاف هذا المبلغ لتحظى بنفس الكميّة من الزيت في بيت جالا شمال غرب بيت لحم.
يعتقد كثيرون أنّ الفرق الهائل في السّعر يرتبط بجودة زيت الزيتون؛ لكن هل هذا حقيقيّ؟ وهل العرض والطلب هو من يحدد السعر؟ أم أن هناك قصة أخرى؟
في التراث الشعبي الفلسطيني ثمّة مثل يقول "إن طلع صيتك، حط راسك ونام" ومما يعنيه أنه إذا ما سطع نجمك، أو اشتهرت بضاعتك، فلا تقلق بعد ذلك، كل الأمور ستكون جيّدة.
يقول رامز عبيدو مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة، إن الطلب على الزيت في مناطق جنوب ووسط الضفة الغربية هو ما يرفع سعره مقارنة بشمال الضفة التي يرتفع فيها العرض، حيث المساحات المزروعة بأشجار الزيتون هناك تفوق مع ما يزرع في وسط الضفة وجنوبها. فمحافظة جنين لوحدها تحظى بنحو رُبع زيتون الضفة.
المعيار الآخر في ارتفاع سعر الزيت وفقا لعبيدو، أنّ أذواق المستهلكين ارتبطت منذ سنوات طويلة بزيتٍ من قرية أو بلدة معيّنة دون غيرها، ولا يعني ذلك بالضرورة أن زيت هذه المنطقة هو الأجود مقارنة بمنطقة ينخفض فيها سعر تنكة زيت الزيتون.
على سبيل المثال، يشير عبيدو إلى أنّ بعض المستهلكين ارتبط ذوقهم بزيت منطقة عصيرة الشمالية قرب نابلس، ويدفعون فيه سعرا أعلى، إلّا أن ذلك قد لا يعني بالضرورة أنّه الأعلى جودة.
المستهلك -غالبًا- لا يفحص جودة الزيت من حيث كثافته ودرجة الحموضة المثالية فيه وإنّما يتبع "صيت" زيت منطقة جغرافية على حساب أخرى.
أذواق المستهلكين ارتبطت منذ سنوات طويلة بزيتٍ من قرية أو بلدة معيّنة دون غيرها، ولا يعني ذلك بالضرورة أن زيت هذه المنطقة هو الأجود.
وينفي عبيدو وجود علاقة بين المنطقة الجغرافية وجودة الزيت (أن لا تتعدى درجة حموضته 3.3)، لافتا إلى أن ما يحدد الجودة يتمثّل في اتّباع الخطوات الصحيحة أثناء الموسم من القطف والجمع مرورا بالعصر، ووصولًا إلى ظروف التخزين.
السبب الثالث لتفاوت أسعار الزيت، مثلما هو الحال في بيت جالا حيث سعر تنكة الزيت 1200 شيقل، يعود لـ "قدسية الزيتون" الذي كان مزروعا على أراضي الكنائس والأديرة منذ القِدم، كما يوضح عبيدو.
وكان زيت الزيتون يستخدم قديما لإنارة الكنائس والأديرة، كما أنّ القديسين كانوا يستعملونه لدهن أجسامهم فهو دهن "الفرح" أو "الابتهاج"، فقد تحدّث الإنجيل المقدّس عن زيت الزيتون بوصفه "النور".
كما أنّ الخالق أقسم بالشجرة في القرآن الكريم، ووصفها بـ "شجرة مباركة"، و"يكاد زيتها يضيء"، وفي الأحاديث المنسوبة للنبيّ محمد (كلوا الزيت، وادهنُوا بِه، فإنه من شجرة مباركة).