تقرير | سفن شبحية.. العقوبات الأميركية تقود لحيل تخفٍّ جديدة بأعالي البحار

aerial-top-view-container-ship-shipping-or-transp-2022-05-02-04-27-00-utc.jpg
المنقّبون - The Miners

أشبه بالخدع السحرية.. ظهرت سفينة Reliable بشكل هادئ وفقاً لإشارات الأقمار الصناعية فجأة بالقرب من سواحل فنزويلا، والتي لم تكن ذهبت إليها منذ عقد على الأقل.

كانت ناقلة النفط المتهالكة تنتظر تحميل الوقود في رصيف متداعٍ متهدم من مصفاة فنزويلية عملاقة في صباح أحد أيام ديسمبر. 

وتعد واحدة من سلسلة من السفن المهجورة المدرجة في مياه البحر الكاريبي الفيروزية المحيطة، وهي شهادة على تدهور البلاد بعد سنوات من الصعوبات الاقتصادية والعقوبات الأميركية.

حدد باحثو بيانات الشحن المئات من الحالات على غرار Reliable، حيث أرسلت السفن إحداثيات مواقع مزيفة من أجل تنفيذ عمليات تجارية غامضة وحتى غير قانونية والتحايل على القوانين والعقوبات الدولية.

إذ يمكن للسراب الرقمي، أن يغير طريقة نقل البضائع في جميع أنحاء العالم، مع آثار عميقة على إنفاذ القانون الدولي والجريمة المنظمة والتجارة العالمية.

ويعد العبث بهذه الطريقة بأجهزة تتبع مواقع الأقمار الصناعية التي تحملها السفن الكبيرة أمراً غير قانوني بموجب القانون الدولي، وحتى وقت قريب، يُعتقد أن معظم الأساطيل قد اتبعت القواعد إلى حد كبير.

لكن على مدار العام الماضي، كشفت شركة Windward، وهي شركة بيانات بحرية كبيرة تقدم أبحاثاً للأمم المتحدة، عن أكثر من 500 حالة لسفن تتلاعب بأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية الخاصة بها لإخفاء مواقعها.

وتقوم السفن بالخداع من خلال تبني تقنية كانت حتى وقت قريب مقتصرة على الأساطيل البحرية الأكثر تقدماً في العالم. التكنولوجيا، في جوهرها، تشبه تأثير تطبيق فكرة البروتوكول الافتراضي أو VPN، مما يجعل السفينة تبدو وكأنها في مكان، بينما تكون فعلياً في مكان آخر.

وتطبيقاً لهذا الاحتيال تم استخدامه في عمليات إخفاء أساطيل الصيد الصينية في المياه المحمية قبالة أميركا الجنوبية، وناقلات تخفي التوقف في موانئ النفط الإيرانية، وسفن الحاويات التي تخفي الرحلات في الشرق الأوسط.

وقال مسؤول في المخابرات الأميركية، ناقش التقييمات الحكومية السرية بشرط عدم الكشف عن هويته، إن أسلوب الخداع هذا استخدم بالفعل في تهريب الأسلحة والمخدرات، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز".

بعد اكتشاف الخداع في الأصل بالقرب من البلدان الخاضعة للعقوبات، شهد Windward منذ ذلك الحين انتشاره حتى أستراليا والقارة القطبية الجنوبية.

قال ماتان بيليد، مؤسس Windward: "إنها طريقة جديدة للسفن لنقل هوية مختلفة تماماً.. لقد تطورت الأمور بسرعة مذهلة ومخيفة".

وبموجب قرار بحري للأمم المتحدة وقعته ما يقرب من 200 دولة في العام 2015، يجب على جميع السفن الكبيرة حمل وتشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال عبر الأقمار الصناعية، والمعروفة باسم أنظمة تحديد الهوية الأوتوماتيكية، أو AIS، والتي تنقل تحديد هوية السفينة وبيانات الموقع الملاحية. 

الموقعون على القرار، الذين يشملون عملياً جميع الدول البحرية، ملزمون بموجب قواعد الأمم المتحدة بفرض هذه المبادئ التوجيهية داخل ولاياتهم القضائية.

بدورها، قالت المسؤولة السابقة في خفر السواحل الأميركية، دانا غوارد، إن انتشار التلاعب بنظام AIS يظهر مدى سهولة تخريب التكنولوجيا الأساسية الخاصة به - نظام تحديد المواقع العالمي، أو GPS - الذي يستخدم في كل شيء من الهواتف المحمولة إلى شبكات الطاقة. وقالت: "هذا يظهر مدى ضعف النظام".

وقالت غوارد أيضاً، إنه حتى الآن، كان لجميع اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد العالمي مصلحة في دعم أمر مبني على أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية.

لكن التوترات المتصاعدة بين الغرب وروسيا والصين يمكن أن تغير ذلك.

ويقول محللون ومسؤولون أمنيون غربيون إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على واردات الطاقة الروسية نتيجة للحرب في أوكرانيا قد تدفع التجارة الروسية إلى السرية في الأشهر المقبلة، مما يحجب شحنات حتى البضائع المسموح بها داخل وخارج البلاد. ويهدد اقتصاد الظل الكبير بتصعيد الخداع والتدخل البحري إلى مستويات غير مسبوقة.

وأكد مسؤولو المخابرات الأميركية أن انتشار التلاعب بتقنية GPS هو مشكلة أمنية متنامية، وتقنية شائعة بين الدول الخاضعة للعقوبات. 

لكن المسؤولين قالوا إن الصين برزت أيضاً في السنوات الأخيرة كمصدر لبعض الأمثلة الأكثر تعقيداً للتلاعب بنظام AIS، وتبذل الدولة قصارى جهدها لإخفاء الأنشطة غير القانونية لقطاع الصيد الكبير فيها.