في مشهد يناقض منطق الحروب التقليدية، تعيش الأسواق المالية للاحتلال الإسرائيلي واحدة من أقوى فتراتها منذ سنوات، رغم أن دولة الاحتلال تخوض حرباً متعددة الجبهات منذ 22 شهراً أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ودفعت المنطقة إلى توتر غير مسبوق.
مؤشر تل أبيب القياسي ارتفع بنسبة 21.3% في النصف الأول من 2025، متفوقًا على معظم مؤشرات العالم، مدفوعا أساسا بأموال المستثمرين الأجانب.
فيما أسهم شركات التأمين والخدمات المالية قفزت 68%، وعدد الطروحات الأولية تضاعف ثلاث مرات عن العام الماضي.
حتى عملة الشيكل حققت أداءً استثنائيا، إذ ارتفعت بأكثر من 9% أمام الدولار في أربعة أشهر، ولتسجل أعلى مستوى أمام الدولار منذ قرابة 3 سنوات الشهر الماضي.
قطاع التكنولوجيا بدوره يشهد طفرة استثمارية، 9.3 مليار دولار من رأس المال الخاص تدفقت في نصف عام، وصفقات بمليارات الدولارات، حتى Nvidia أعلنت عن إنشاء مجمع تكنولوجي كبير في شمال إسرائيل.
حتى عملة الشيكل حققت أداءً استثنائيا، إذ ارتفعت بأكثر من 9% أمام الدولار في أربعة أشهر، ولتسجل أعلى مستوى أمام الدولار منذ قرابة 3 سنوات الشهر الماضي.
لكن كيف يحدث ذلك بينما المشهد الميداني يسوده القصف الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان وسوريا وإيران؟
المحللون يرون أن الإجابة تكمن في تحول ميزان القوة الإقليمي لصالح الاحتلال الإسرائيلي، عبر عمليات نوعية، مثل تفجير آلاف أجهزة النداء في يد مقاتلي حزب الله وقتل زعيمه حسن نصرالله، وسقوط نظام الأسد في سوريا.
كما انضممت واشنطن لضرب إيران وإلحاق أضرار كبيرة ببرنامجها النووي؛ كلها عززت صورة الاحتلال الإسرائيلي كقوة عسكرية وتقنية قادرة على تغيير قواعد اللعبة.
المفارقة أن هذه التطورات العسكرية، التي غالبا ما تضر بالاقتصاد، جذبت المستثمرين بدلًا من إخافتهم.
بالنسبة لهم، التفوق الأمني يعني استقرارا طويل المدى وبيئة استثمارية واعدة، خاصة في مجال التقنيات الدفاعية والذكاء الاصطناعي.
لكن هذا الصعود محفوف بالمخاطر؛ كاستمرار الحرب، وغياب أفق لحل سياسي مع الفلسطينيين أو تطبيع مع دول عربية، وارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى 70%، كلها عوامل قد تهدد المسار الحالي.
كما أن الاعتماد المفرط على حماسة المستثمرين الأجانب و”الخوف من ضياع الفرصة” قد لا يصمد أمام أي هزة كبيرة في المشهد السياسي أو العسكري.
ومع ذلك، يرى بعض المستثمرين أوردت آراءهم وكالة بلومبرغ، أن الحرب كانت بمثابة حاضنة غير متوقعة للشركات الناشئة، إذ وُلدت أفكار كثيرة خاصة في التكنولوجيا العسكرية.
وبينما يظل المستقبل السياسي غامضا، يراهن رأس المال على أن التكنولوجيا ستظل المحرك الأساسي لنمو الاحتلال الإسرائيلي، حتى وسط حركة الطائرات الحربية.