تقرير | توسّع الحرب على لبنان يثير قلق الاقتصاد الأردني

المنقبون - The Miners

حالة من القلق يعيشها الاقتصاد الأردني بسبب الأوضاع التي تمر بها المنطقة، من استمرار الحرب على غزة وتوسع دائرة النار على الجبهة اللبنانية.

ويدرك مختصون في الاقتصاد الأردني، أنه لا يمكن عزل الاقتصاد الأردني عمّا يدور حولها من أحداث ميدانية، تتدحرج تدريجيا.

ولعل أهم هذه التداعيات تتمثل في حركة التجارة من المنطقة وإليها، وهو ما يؤثر على ارتفاعات إضافية في تكاليف الشحن، نظرا إلى ارتفاع المخاطر، إضافة إلى التأثيرات التي تطاول السوق المحلية والاستثمارات وغيرها.

مواجهة التداعيات

ولا يزال الأردن يعاني من ارتفاع أجور الشحن البحري التي زادت بأكثر من 200% بسبب أزمة البحر الأحمر وباب المندب ضمن التداعيات المباشرة للعدوان على قطاع غزة.

إضافة إلى الاختلالات في سلاسل التوريد عولجت بإجراءات حكومية استثنائية واستباقية طُبقت منذ نوفمبر من العام الماضي.

وقال عضو غرفة تجارة عمّان علاء ديرانية إن الأردن كباقي دول المنطقة سيتأثر اقتصادياً وبشكل كبير بتصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، واستمراره على قطاع غزة، وزيادة احتمالات توسع نطاق الحرب، حيث ستتأثر حركة التجارة العالمية، وخاصة التي تمر من خلال باب المندب، ما يعني احتمالات حصول ارتفاعات قياسية جديدة على أجور الشحن واختلال سلاسل التوريد وتعريض الأمن الغذائي للخطر.

وأضاف ديرانية: "مخاطر الاستثمار سترتفع في المنطقة وستتباطأ المشاريع والحركة السياحية، مع تراجع العديد من الأنشطة الاقتصادية وما يتخللها من ارتفاع للفقر والبطالة".

وأكد أنه على الحكومة الاستمرار بحزمة الإجراءات التي اتُّخذت منذ العام الماضي بهدف مواجهة التداعيات التضخمية للعدوان على غزة واضطرابات البحر الأحمر وباب المندب، ما ساهم في انتظام عمل سلاسل التوريد وتعزيز الأمن الغذائي والحد من تأثير ارتفاع الأسعار عالمياً على السوق المحلية وتحفيز القطاع الخاص لمواصلة توريد السلع إلى السوق الأردنية.

ارتفاع الأسعار

وكانت الحكومة قد خفّضت تخزين السلع الغذائية للقطاع الخاص في مستودعات شركة الصوامع الحكومية بنسبة 40%، وتحديد سقوف لغايات احتساب الرسوم الجمركية على السلع الموردة من مناشئ مختلفة، وتسريع إجراءات التخليص في ميناء العقبة، وتوفير حزمة تسهيلات مالية للشركات بأسعار فائدة مخفضة جداً، والعمل على إيجاد مسارات استيراد وتصدير جديدة.

كما أُعيد النظر بشروط استيراد المواد الغذائية، خاصة اللحوم من بعض المناشئ، من دون الإخلال بمتطلبات الصحة والسلامة العامة لضمان توفر السلع الأساسية وعدم حدوث نقص فيها.

إضافة إلى تثبيت أسعار السلع في الأسواق التي تملكها الحكومة "المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية".

ورغم ذلك، شهد الأردن ارتفاعات في أسعار العديد من السلع، بعضها كان امتداداً لجائحة كورونا وتداعياتها، لكن الإجراءات الحكومية ساهمت في احتواء ما أمكن منها.

وارتفع المستوى العام للأسعار في الأردن، مقاساً بالتغير النسبي لأسعار المستهلك خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بنسبة 1.7% مقابل ارتفاع نسبته 2.7% خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وذلك نتيجة للزيادة التي طرأت على أسعار العديد من السلع الغذائية والخدمات الأساسية.

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال إن الاحتلال الإسرائيلي أدخل المنطقة من خلال عدوانه على لبنان في مرحلة جديدة من الصراع والأعمال العسكرية التي تزيد من احتمالات نشوب حرب شاملة واتساع نطاقها، ما يؤدي إلى انتكاسة كبيرة للوضع الاقتصادي في الأردن، وستكون حركة التجارة أول المتأثرين بذلك والتداعيات المختلفة التي ستنجم عن الصراع.

وأضاف: "دول المنطقة برمتها معرضة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لأزمة أمن غذائي نظراً إلى ارتفاع مخاطر الشحن البحري وتزايد التكاليف، وعلى الأرجح، عزوف الشركات العالمية عن تسيير بواخرها في البحر الأحمر لتفادي المخاطر، وإن استمرت في عملها، فإنها ستقوم برفع الأجور، وتقابلها زيادة كبيرة في بوالص التأمين".

وأوضح أن مواجهة ذلك أردنياً تتطلب مضاعفة الجهود لتعزيز الأمن الغذائي وتحفيز القطاع الخاص للتحوط على أكبر كميات ممكنة من المواد الغذائية للفترة المقبلة.

وأشار إلى أن الحكومة تحتفظ بمخزون مريح من مادة القمح يزيد عن 10 أشهر، وهذا يعود إلى نجاحها في السنوات الأخيرة بالتوسع في إنشاء المستودعات لزيادة القدرات التخزينية من الحبوب.